عبق الشهاده

b]عبق الشهادة

ما الذي يمنح الخلود للشهيد؟..هل هي القيم التي استشهد في سبيلها؟ أم الدم الذي سفح في سبيل تلك القيم؟أم هي مميزات فردية اجتمعت في شخص الشهيد لتجعل منه منارة ومئذنة للوهلة الأولى...ان الشهادة حضور في الميدان وفي الزمن الراهن، لهذا فالحي شاهد، وشهيد و(الشهيد) من أسماء الله عز وجل وليس هناك كلمة تهز الوجدان مثل الشهيد. ومع أن القرآن يذكر كلمة (الشهادة) ومرادفاتها اثنتين وثمانين مرة) لكنه لم يذكرها مرة

واحدة بصدد القتل والموت، بل بمعنى مختلف وهو الحضور الواعي كما في قوله تعالى ({إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ }ق37) و {مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً }الكهف51 وقوله وَالسَّمَاء ذَاتِ الْبُرُوجِ{1} وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ{2} وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ{3} الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ{9}
إن الشهادة مسؤولية كبرى ومسؤولية فردية ومسؤولية اجتماعية ومسؤولية عبادية لأنها أولا وأخيرا يجب أن تكون لله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً }النساء135

إذن للشهادة مقومات ومن مقوماتها الأساسية العلم والحضور اليقظ والواعي والمعاينة المباشرة، أي:الإلمام الدقيق بما يشهد عليه.. العدل بما يعنيه من قدرة فعلية على تجاوز الذات وأهوائها وإقامة الحق بتجرد تام... والتقوى الخالصة التي هي تمثيل دائم وقوي للحضور الإلهي في دنيا الإنسان، والشعور الأقصى بالمسؤولية أمامه...
من خلال التحديدات الواردة في مفهوم الشهادة نستشف أنها حضور في الميدان قبل أن تكون
موتا في الميدان فقط، لأنه أصبح في الدارج عندنا مفهوم الشهادة مرتبط بالموت فقط، أليس
الشهيد لم يسمَ شهيدا إلا لأنه عاين الواقع واستخبر مكامن فساده فاقتضى الأمر منه حضورا في
ميدان التغيير، حضورا لتسجيل موقف ولإحياء وبعث نفوس وحريات وحقوق كانت ميتة فأحياها "
ومن أحياها فكأنما أحيى الناس جميعا..
وفي الفلسفة المسيحية ينقل الإنجيل في أعمال الرسل أنالبذرة حتى تتحول إلى شجرة يجب
أن تدفن. وعلى ما يبدو أن الأفكار تخلد وتنتشر بهذه الطريقة. وهي تفسر طرفاً من الآية أن
من يقتل في سبيل الله حي عند الله ومن يموت من أجل أفكاره يدفع الحياة في أفكاره.
أي ر وح تـعـــــتـلـي فــــــــوق الـــســمـاء ..أي ر وح ذات نـــــــــور وصــــــــــــفـاء
أي ر وح ترتــــــدي ثــــــوب الـعـــــــــلاء..أي ر وح أعــــلـنـت صـــدق الـــــــولاء
إنهــــــــــا ر وح الــشـــــــــهــيد
وهل في الشهادة من حزنٍ وحيرة ؟ إنّ الذين استشهدوا، في جوار رحمة

الله ؟ هل نحزن لأنّهم خرجوا من ديار القيود والأغلال ووصلوا إلى
الفضاء اللاّنهائي ووقعوا في نطاق رحمة الله تعالى؟ لا شكّ أننا نحزن
لأن أمثالهم كانوا يفيدون الإسلام ويعاضدونه وينصرونه.


"رحمة الله على جميع الشهداء ورضوانه ومغفرته على أرواحهم


المطهّرة التي اختارت جوار قربه وسارعت مرفوعة الرأس، مشتاقةً إلى مقام لقاء الله."


"الهي: اجعل شهداءنا الذين هم عشّاق لقائك في صفّ أوليائك و اقبلهم في جوارك."


[/b]