- المتفائلعضو ذهبي
- عدد المساهمات : 3476
النقاط : 5015
ألقاب اضافية :
مادة متطورة لتسهيل التحام العظام
الجمعة أبريل 15, 2011 12:38 pm
مادة متطوّرة لتسهيل التحام العظام
معظم إنجازات الطب المعاصر عبارة عن مهارات تتعزز بفعل تطوّر التكنولوجيا العالية، لكن لا تزال معالجة العظام المكسورة ترتكز على علاج تقليدي يشمل غالباً استعمال البراغي والمسامير والدبابيس حتى أبسط الجراحات قد تؤدي إلى التهابات وعدم اكتمال الشفاء في حال عدم وضع تلك الأجهزة بالطريقة الصحيحة.
في الظروف المأساوية – أي في ساحة المعركة مثلاً حيث لا يستطيع الجرّاحون استعمال آلات الأشعة السينية ولا وجود لأي مكان مناسب لإجراء الجراحات- قد تؤدي الحاجة إلى أجهزة كثيرة إلى استحالة نجاح الجراحات. اضطرّ آلاف الجنود الذين يحاربون في العراق وأفغانستان مثلاً إلى بتر أطرافهم بعد تعرّضهم لإصابات كان يمكن معالجتها في أي مستشفى.
انطلاقاً من التفكير بمثل تلك الحالات، أقدمت وكالة تمويل الأبحاث التابعة لوزارة الدفاع الأميركية على الاستعانة بمجموعة علماء من جامعة تكساس، هيوستن، منذ سنتين. أرادت الوكالة ابتكار جهاز يستطيع الأطباء الذين يعالجون الجنود حمله في حقائبهم واستعماله لمعالجة الأطراف المُصابة فوراً، قبل أن يصبح البتر الخيار الوحيد.
توصّل الباحثون، بقيادة ماورو فيراري وإينيو تاشيوتي (انتقلا إلى معهد أبحاث مستشفى ميثوديست الواقع في المدينة عينها منذ توليهما هذه المهمة)، إلى فكرة قد تغيّر معالم جراحة العظام جذرياً: الاختراع هو عبارة عن مادة قد يزرعها الجرّاحون أو حتى يحقنونها في جسم المُصاب، وهي تساهم في معالجة العظام المكسورة بسرعة ثم إعادة التحامها بشكل كامل، من دون الحاجة إلى استعمال البراغي والمسامير.
ترتكز هذه المادة على عنصر كيماوي اسمه 'بولي بروبيلين فومارات'، علماً أنها نتاج تعاونٍ بين علماء الأحياء ومهندسين متخصصين في تكنولوجيا النانو وعلماء الرياضيات. تنشط هذه المادة على حرارة 37 درجة مئوية، أي حرارة جسم الإنسان. عند استعمالها على عظمة مكسورة، تعزز صلابة العظام وإعادة لصقها، من خلال الجمع بين جُزئي العظمة المكسورة. إنها عملية ضرورية، كما يعلم كلّ جرّاح متخصص في جراحة العظام، لأن العظمة لن تُعالَج مطلقاً في حال وجود فجوة تفوق بضع ميلليمترات بين أجزاء العظمة الواحدة.
لكن لا يمكن أن تكون مادة لاصقة بسيطة كافية لمعالجة الحالة. بل تشمل هذه المادة أيضاً دوائر صغيرة من السيليكون المساميّ المدسوس فيها. لتلك الدوائر وظيفة مزدوجة. أولاً، هي تعزز مفعول المادة (يُفترض أن يتمكن أي مريض برِجلٍ مكسورة من معاودة السير بعد أسبوع من العلاج فقط). ثانياً، حين تذوب المادة داخل جسم المريض، تطلق خلايا وبروتينات وعقاقير تساعد الجسم على تركيب نسيج عظمي جديد.
هذه الخلايا هي خلايا جذعية وسيطة – وهي تشتقّ من خلايا الأوستيوبلاستس (أي خلايا إنتاج العظم) التي تصنع نسيج العظام. تُعتبر الخلايا الجذعية الوسيطة عناصر ضبط مناعية، ما يعني أن جهاز المناعة في جسم المريض لن يرفض تلك الخلايا.
نظراً إلى استحالة حقن ما يكفي من الخلايا الجذعية لإتمام المهمّة، تحتوي دوائر السيليكون أيضاً على خليط من الجزيئات التي تُسمّى عوامل النمو وجزيئات السيتوكين التي تنشّط الخلايا الجذعية الموجودة أصلاً في جسم المريض وتدفعها إلى العمل على تركيب نسيج عظمي جديد. تُستكمل العملية بنجاح من خلال تناول المضادات الحيوية (لمنع الالتهابات) ومسكّنات الألم.
تكثيف الدراسات
وفقاً للدكتور تاشيوتي، يكمن مفتاح نجاح الجراحة في اختيار التوقيت المناسب. يجب أن تصل الخلايا الجذعية إلى موقع الكِسر، لتتكاثر وتتحول إلى خلايا الأوستيوبلاستس في اللحظة المناسبة. في حال بدأت تتطور في مرحلة أبكر من اللازم، فلن تكون خلايا العظام كافية لتعزيز التحام العظام. هنا يحين دور علماء الرياضيات. من خلال إعداد نماذج تحاكي هذه الحالات على الكمبيوتر، حدّد هؤلاء العلماء السماكة المثالية لدوائر السيليكون والحجم المثالي لمسامها، كي تتحلّل الدوائر وتُطلق محتواها بحسب المعدل المناسب. أثناء حصول ذلك، تندمج مادة البولي بروبيلين فومارات في الجسم بفضل أجزاء البروتينات التي تُسمّى مركّبات الببتيد الموجودة على سطحها. تساهم هذه المركّبات في جعلها شبيهة بالنسيج البشري، وبالتالي تجنّب أن ترفضها خلايا الجسم الأصلية.
بهذه الطريقة، تُستبدل المادة بأكملها بعظام جديدة تدريجاً. الأهم من ذلك، بحسب قول الدكتور تاشيوتي، أن هذه التقنية ستضمن استقراراً كافياً للحالة، تمهيداً للتخلّص نهائياً من أجهزة التثبيت الخارجية التي تسبّب غالباً التهابات.
يعمل الباحثون على هذا المشروع منذ سنتين تقريباً. سبق واختبروا موادّهم على الفئران، فطبّقوها مباشرةً على الكسور، مستعملين اسفنجة قابلة للزرع. نجحت تلك الجراحة، ما سمح للقوارض بمعاودة السير على أطرافها (المكسورة) وما أدى في النهاية إلى تكوّن نسيج عظمي جديد. حان الوقت الآن لتطبيق التجربة على الخراف، وهو تحدٍّ أصعب طبعاً لأنّ أطرافها تضطرّ إلى تحمّل ثقل أكبر.
في الفترة الأخيرة، حوّل فريق العمل المركّب المستعمل إلى معجون (يصفه تاشيوتي بتركيبة 'بين العسل ومعجون الأسنان') يمكن حقنه بإبرة عادية. تجري الاستعدادات الآن لإجراء اختبارات إضافية على الحيوانات لتقييم نتائج هذه التقنية. في حال ثبت نجاحها، قد تحصل اختبارات على البشر قريباً.
ساهم إنجاز فيراري وتاشيوتي أيضاً في إنتاج معدات أخرى. ففي ساحات المعارك، لن يكون اختراعهما مفيداً جداً من دون إيجاد طريقة لتفقّد حالة الكسور وتحديد موقع الحقن المناسب. هذا ما دفع أحد أعضاء الفريق، رافاييلا ريغيتي من جامعة 'ايه أند ام للهندسة' (A&M Engineering University) في تكساس، إلى تطوير آلة مسح فوق صوتية محمولة قد تُصدر صوراً ثلاثية الأبعاد عن أي عظمة.
لا تنجح الصور فوق الصوتية التقليدية كثيراً في تصوير العظام، لكن تغلبت ريغيتي على المشكلة عبر زيادة مستوى تردد الموجات فوق الصوتية أكثر من العادة واستعمال برمجيات خاصة من شأنها تضخيم صور هذه الأنسجة التي يصعب التقاطها. بالإضافة إلى التخلي عن استخدام البراغي والمسامير، قد ينجح فريق العمل في التخلي قريباً عن الأشعة السينية
معظم إنجازات الطب المعاصر عبارة عن مهارات تتعزز بفعل تطوّر التكنولوجيا العالية، لكن لا تزال معالجة العظام المكسورة ترتكز على علاج تقليدي يشمل غالباً استعمال البراغي والمسامير والدبابيس حتى أبسط الجراحات قد تؤدي إلى التهابات وعدم اكتمال الشفاء في حال عدم وضع تلك الأجهزة بالطريقة الصحيحة.
في الظروف المأساوية – أي في ساحة المعركة مثلاً حيث لا يستطيع الجرّاحون استعمال آلات الأشعة السينية ولا وجود لأي مكان مناسب لإجراء الجراحات- قد تؤدي الحاجة إلى أجهزة كثيرة إلى استحالة نجاح الجراحات. اضطرّ آلاف الجنود الذين يحاربون في العراق وأفغانستان مثلاً إلى بتر أطرافهم بعد تعرّضهم لإصابات كان يمكن معالجتها في أي مستشفى.
انطلاقاً من التفكير بمثل تلك الحالات، أقدمت وكالة تمويل الأبحاث التابعة لوزارة الدفاع الأميركية على الاستعانة بمجموعة علماء من جامعة تكساس، هيوستن، منذ سنتين. أرادت الوكالة ابتكار جهاز يستطيع الأطباء الذين يعالجون الجنود حمله في حقائبهم واستعماله لمعالجة الأطراف المُصابة فوراً، قبل أن يصبح البتر الخيار الوحيد.
توصّل الباحثون، بقيادة ماورو فيراري وإينيو تاشيوتي (انتقلا إلى معهد أبحاث مستشفى ميثوديست الواقع في المدينة عينها منذ توليهما هذه المهمة)، إلى فكرة قد تغيّر معالم جراحة العظام جذرياً: الاختراع هو عبارة عن مادة قد يزرعها الجرّاحون أو حتى يحقنونها في جسم المُصاب، وهي تساهم في معالجة العظام المكسورة بسرعة ثم إعادة التحامها بشكل كامل، من دون الحاجة إلى استعمال البراغي والمسامير.
ترتكز هذه المادة على عنصر كيماوي اسمه 'بولي بروبيلين فومارات'، علماً أنها نتاج تعاونٍ بين علماء الأحياء ومهندسين متخصصين في تكنولوجيا النانو وعلماء الرياضيات. تنشط هذه المادة على حرارة 37 درجة مئوية، أي حرارة جسم الإنسان. عند استعمالها على عظمة مكسورة، تعزز صلابة العظام وإعادة لصقها، من خلال الجمع بين جُزئي العظمة المكسورة. إنها عملية ضرورية، كما يعلم كلّ جرّاح متخصص في جراحة العظام، لأن العظمة لن تُعالَج مطلقاً في حال وجود فجوة تفوق بضع ميلليمترات بين أجزاء العظمة الواحدة.
لكن لا يمكن أن تكون مادة لاصقة بسيطة كافية لمعالجة الحالة. بل تشمل هذه المادة أيضاً دوائر صغيرة من السيليكون المساميّ المدسوس فيها. لتلك الدوائر وظيفة مزدوجة. أولاً، هي تعزز مفعول المادة (يُفترض أن يتمكن أي مريض برِجلٍ مكسورة من معاودة السير بعد أسبوع من العلاج فقط). ثانياً، حين تذوب المادة داخل جسم المريض، تطلق خلايا وبروتينات وعقاقير تساعد الجسم على تركيب نسيج عظمي جديد.
هذه الخلايا هي خلايا جذعية وسيطة – وهي تشتقّ من خلايا الأوستيوبلاستس (أي خلايا إنتاج العظم) التي تصنع نسيج العظام. تُعتبر الخلايا الجذعية الوسيطة عناصر ضبط مناعية، ما يعني أن جهاز المناعة في جسم المريض لن يرفض تلك الخلايا.
نظراً إلى استحالة حقن ما يكفي من الخلايا الجذعية لإتمام المهمّة، تحتوي دوائر السيليكون أيضاً على خليط من الجزيئات التي تُسمّى عوامل النمو وجزيئات السيتوكين التي تنشّط الخلايا الجذعية الموجودة أصلاً في جسم المريض وتدفعها إلى العمل على تركيب نسيج عظمي جديد. تُستكمل العملية بنجاح من خلال تناول المضادات الحيوية (لمنع الالتهابات) ومسكّنات الألم.
تكثيف الدراسات
وفقاً للدكتور تاشيوتي، يكمن مفتاح نجاح الجراحة في اختيار التوقيت المناسب. يجب أن تصل الخلايا الجذعية إلى موقع الكِسر، لتتكاثر وتتحول إلى خلايا الأوستيوبلاستس في اللحظة المناسبة. في حال بدأت تتطور في مرحلة أبكر من اللازم، فلن تكون خلايا العظام كافية لتعزيز التحام العظام. هنا يحين دور علماء الرياضيات. من خلال إعداد نماذج تحاكي هذه الحالات على الكمبيوتر، حدّد هؤلاء العلماء السماكة المثالية لدوائر السيليكون والحجم المثالي لمسامها، كي تتحلّل الدوائر وتُطلق محتواها بحسب المعدل المناسب. أثناء حصول ذلك، تندمج مادة البولي بروبيلين فومارات في الجسم بفضل أجزاء البروتينات التي تُسمّى مركّبات الببتيد الموجودة على سطحها. تساهم هذه المركّبات في جعلها شبيهة بالنسيج البشري، وبالتالي تجنّب أن ترفضها خلايا الجسم الأصلية.
بهذه الطريقة، تُستبدل المادة بأكملها بعظام جديدة تدريجاً. الأهم من ذلك، بحسب قول الدكتور تاشيوتي، أن هذه التقنية ستضمن استقراراً كافياً للحالة، تمهيداً للتخلّص نهائياً من أجهزة التثبيت الخارجية التي تسبّب غالباً التهابات.
يعمل الباحثون على هذا المشروع منذ سنتين تقريباً. سبق واختبروا موادّهم على الفئران، فطبّقوها مباشرةً على الكسور، مستعملين اسفنجة قابلة للزرع. نجحت تلك الجراحة، ما سمح للقوارض بمعاودة السير على أطرافها (المكسورة) وما أدى في النهاية إلى تكوّن نسيج عظمي جديد. حان الوقت الآن لتطبيق التجربة على الخراف، وهو تحدٍّ أصعب طبعاً لأنّ أطرافها تضطرّ إلى تحمّل ثقل أكبر.
في الفترة الأخيرة، حوّل فريق العمل المركّب المستعمل إلى معجون (يصفه تاشيوتي بتركيبة 'بين العسل ومعجون الأسنان') يمكن حقنه بإبرة عادية. تجري الاستعدادات الآن لإجراء اختبارات إضافية على الحيوانات لتقييم نتائج هذه التقنية. في حال ثبت نجاحها، قد تحصل اختبارات على البشر قريباً.
ساهم إنجاز فيراري وتاشيوتي أيضاً في إنتاج معدات أخرى. ففي ساحات المعارك، لن يكون اختراعهما مفيداً جداً من دون إيجاد طريقة لتفقّد حالة الكسور وتحديد موقع الحقن المناسب. هذا ما دفع أحد أعضاء الفريق، رافاييلا ريغيتي من جامعة 'ايه أند ام للهندسة' (A&M Engineering University) في تكساس، إلى تطوير آلة مسح فوق صوتية محمولة قد تُصدر صوراً ثلاثية الأبعاد عن أي عظمة.
لا تنجح الصور فوق الصوتية التقليدية كثيراً في تصوير العظام، لكن تغلبت ريغيتي على المشكلة عبر زيادة مستوى تردد الموجات فوق الصوتية أكثر من العادة واستعمال برمجيات خاصة من شأنها تضخيم صور هذه الأنسجة التي يصعب التقاطها. بالإضافة إلى التخلي عن استخدام البراغي والمسامير، قد ينجح فريق العمل في التخلي قريباً عن الأشعة السينية
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى