- المتفائلعضو ذهبي
- عدد المساهمات : 3476
النقاط : 5015
ألقاب اضافية :
القيم التربوية في الامثال العراقية
الخميس مارس 31, 2011 4:44 am
تعد الأمثال الشعبية لأي شعب من الشعوب المرآة الناصعة لثقافته والهوية الواضحة للقيم والمبادئ وللأخلاق التربوية التي يؤمن بها ويعمل على نشرها بين أبنائها ومحاولة جعلها فلسفة اجتماعية له , ولما كان المثل الشعبي بما يمتلكه من إيجاز اللفظ ودقة المعنى وحسن التشبيه وجودة الكناية وتركيز الفكرة وسهولته في الحفظ , فقد استعمل في نشر المفاهيم التربوية السائدة , وأمثالنا الشعبية العراقية هي الأخرى مستقاة من ثقافة الشعب العراقي الذي يمتلك إرثا" تاريخيا" عميقا" في الدولة الإسلامية وما قبل الإسلام أيام الحضارات السومرية والبابلية والآشورية , ومع ما امتلكه من خبرة نشأت من تنوعه الديني والثقافي , كل ذلك جعل مبتكر المثل الشعبي مدرسة تربوية تعمل جنبا" الى جنب مع قيم وتوجهات المجتمع لترسيخ المفاهيم الإنسانية التي تريدها , حتى تحولت هذه الأمثال سواء أردنا أم لم نرد الى رديف للكتاب المدرسي ويد قوية للمعلم ولسان بين للحقيقة, فاستعملت في المناسبات والأحداث فادت الغرض المطلوب منها ((وفت وكفت)) في حين عجز الآخرون عن تحقيق المطلوب , ولما كانت الأمثال تعتمد اعتمادا" كليا" على الجوانب البلاغية من كناية وإيجاز وتجانس وطباق وتشبيه فقد كانت صورة مثلى للبلاغة العربية التي تؤكد في مجملها على أن خير الكلام هو ما قل ودل , وربما إشارة ابلغ من عبارة , لهذا كان المثل سريعا" في الوصول دالا" على المعنى المقصود مفهوما" من الجميع قابلا" للسهولة والحفظ والاستدلال , فإذا صحت المقولة التي تؤكد أن الأمثال في مضمونها تمثل توجهات المجتمع الموجودة فيه , فان أمثالنا الشعبية العراقية عكست القيم التربوية الثرة للمجتمع العراقي قولا" وفعلا" وكناية وتطبيقا" .
إن الثقافة التربوية في العراق غزيرة في التأكيد على الأخلاق قولا" وفعلا" كوسيلة لبناء الإنسان الجيد لهذا قالوا : ((اللسان الطيب يطلع الحية من الزاغور)) , واحترام المال العام مهم أيضا" في بناء مجتمع متوازن له ثوابت مستقبلية في خيراته كالمياه والعيون فقالوا : (( بير اللي تشرب منها ماي لا ترمي فيها حجر)) ولما كان حب الوطن والدفاع عنه والتمسك بتربته من أعظم دلائل التربية الوطنية , فقالوا: (( الترك داره قل مقداره)) , وحين يكون مبدأ العقاب والثواب ثقافة يؤمن بها الجميع, ثقافة تدعو الى معاقبة المسيء والى احترام العمل الصالح قالوا: (( كلمن ذنبه على جنبه)) ,((كل لشه تتعلك من كراعها)) , وحينما تشكل القناعة ثقافة اجتماعية يسعى الجميع إليها فقد أكدوا: ((مد رجليك على قدر غطاك)) , والإيمان بالأمل يبني الإنسان في كثير من الأحيان فدعوا الى ذلك حينما قالوا: ((ما تضيك الا تفرج)) ودعوا الى قراءة الأشياء وفهمها وإدراكها وعدم الانجرار وراء بهرجتها ولونها وضيائها فأكدوا : ((مو كل مدعبل جوز)) , ((مو كل ما يلمع ذهب)) , ((موكل من صخم وجهه كال آني حداد)) , وكانت الدعوة الى الاعتماد على النفس والاستفادة من كل القدرات الكامنة فيها فلسفة لبناء الإنسان الذي يمتلك الطاقات الخلاقة التي تبني الذات بناء" محكما" : ((ما حك جلدك مثل ظفرك)) ,((اللي يولد عنزته بيده يولدها توم)) ,((انطي الخبز لخبازته حتى لو اكلت نصه)) , وأي مجتمع لا يستطيع أن ينمو وان يتطور من دون تعاون أبنائه ( خاشوكة خاشوكة تترس البستوكة )) , (( كطرة كطرة تملى الجرة )) , ولما كان العراق قد مرﱠ بايام عصيبة من اليأس والمحن التي جرها عليه الاحتلال البغيض وما تركه من آثار سلبية على الواقع الاجتماعي والاقتصادي, فقد برزت امثال تدعو الى التوفير والاقتصاد مثل ( القرش الأبيض ينفع باليوم الاسود )) , (( الما يعرف تدابيره حنطته تاكل شعيره)) ,(( الما عنده بارة ما يسوى حجارة)) , والبارة عملة هندية كانت تُستعمل في العراق ايام الاحتلال الانكليزي له , وهناك قيم كثيرة دعت الامثال اليها وروجت لها من خلال قناعة المجتمع بهذه القيم ودورها في بناء المجتمعات , فقالوا في نكران الذات والدعوة للتعاون والمساعدة : (( الما تسوكة مرضعة سوك العصا ماينفعه )) , والى الحذر من الاشياء التي من الممكن ان تلحق ضررا" بالانسان مثل : (( العاضته الحية يخاف من جرة الحبل )) , (( الحجارة الما تعجبك تفجخك )) , (( امشي شهر ولا تعبر نهر )) ودعت الامثال الى احترام المهن وضرورة التخصص في العمل وازدراء كل من يمارس عملا" لايفقه فيه شيئا" مثل : (( صانع الإستاد إستاد ونصف )) , ((إذا حضر الماء بطل التيمم )) , اما الخيانة والرياء والتلون فهي من ارذل الصفات التي رفضها المجتمع وانعكس ذلك الرفض بوضوح في الامثال الشعبية مثل (يرعى ويﱠ الغنم وياكل ويﱠ الذئاب )) , (( بالوجه امراية وبالقفا سلاية )), ((عين الحسود بيها عود)) , (( يا ما تحت السواهي دواهي)) , (( جدره على ناره وعينه على جاره )) .
و في مجال لمّ شمل أبناء الوطن وتكاتفهم في هذا المجال فكانت فلسفتهم التربوية تنص على : (( كوم التعاونت ما ذلت)) ,((في الحركة بركة)). ولما كان الكرم صفة اجتماعية محمودة , لهذا كانت الأمثال داعمة لهذه الصفة الذمية (البخل) : (( لو تفك بابك وتفتخر,لو تسد بابك وتتستر)) .
وهنالك أمثال تدعو للحزم والصبر والتهيؤ على أساس أن الإنسان الناجح يمتلك مستلزمات ثقافة التهيؤ مثل : ((تحزم للواوي بحزام سبع)) ,((يوم إلك ويوم عليك)) ,((يوم كيمر وعسل ويوم خبز وبصل)) ,(( لا تخلي البيض بسلة وحدة)) ,((اصبر على الحصرم تأكله عنب)) , أما القناعة والتوفير والعمل على تكوين الذات اقتصاديا" وماليا" واجتماعيا" فان الأمثال الشعبية دعت الى ذلك مثل : ((حباية حباية تصير كباية)).
أما الدفاع عن الوطن ومحاربة الاجنبي المحتل فهي صفات اتفق الجميع على الايمان بها والعمل من اجل تحقيقها , وكثرت الأمثال الشعبية في هذا المجال منها : (( حل فرض الخامس كوموله )) والفرض الخامس يعني الجهاد في سبيل الله بعد الصوم والصلاة والحج والزكاة , (( شهل الغيبة يهلال الديرة )) التي قيلت في رثاء البطل الشيخ ضاري المحمود بعد ان قتله الانكليز غيلة في المستشفى , وما قيل من امثال في مقتل الملك غازي : (( آه من الوزارة شلون غدارة )) وكان المقصود بها وزارة نوري السعيد التي كان لها ضلع كبير في التآمر على قتل الملك غازي لمواقفه الوطنية , ومن الطريف ما يُروى في هذا المجال انه واثناء الاحتلال الانكليزي للعراق فتحوا باب التطوع في مراكز الشرطة التي كانت تسمى ( البوليس) وقتها والمتطوعون يُسمون ( البوليسية ) وكانت الراتب ربيه ( وهي عملة هندية ) , فحينما قُتل ( لجمن ) على يد الشيخ ضاري المحمود تصور المتطوعون ان راتبهم سيقطع بعد الحادث , لهذا جاء احدهم وطلب من نسائه ان يلطمن حيث قال :
دكن حيل نسوان ( البليسية ) ( لجمن ) مات وضاعت الربية .
وهناك أمثلة كثيرة ولكن لانريد الاستطراد في طرحها لان أمثالنا الشعبية العراقية أمثال غنية بتوجهاتها التربوية والانسانية وعكست الثقافة الثرية للشعب العراقي المرتبط بتأريخ ناصع وثقافة متجذرة وقيم تعارف عليها المجتمع ... قيما" اقتدى بها الكثيرون وشكلت حجرا" قويا" في البناء التربوي والتوجيهي تحتم علينا ان ننهل منها كل ما هو مفيد للاستفادة منه في حاضرنا قيما" واخلاقا
إن الثقافة التربوية في العراق غزيرة في التأكيد على الأخلاق قولا" وفعلا" كوسيلة لبناء الإنسان الجيد لهذا قالوا : ((اللسان الطيب يطلع الحية من الزاغور)) , واحترام المال العام مهم أيضا" في بناء مجتمع متوازن له ثوابت مستقبلية في خيراته كالمياه والعيون فقالوا : (( بير اللي تشرب منها ماي لا ترمي فيها حجر)) ولما كان حب الوطن والدفاع عنه والتمسك بتربته من أعظم دلائل التربية الوطنية , فقالوا: (( الترك داره قل مقداره)) , وحين يكون مبدأ العقاب والثواب ثقافة يؤمن بها الجميع, ثقافة تدعو الى معاقبة المسيء والى احترام العمل الصالح قالوا: (( كلمن ذنبه على جنبه)) ,((كل لشه تتعلك من كراعها)) , وحينما تشكل القناعة ثقافة اجتماعية يسعى الجميع إليها فقد أكدوا: ((مد رجليك على قدر غطاك)) , والإيمان بالأمل يبني الإنسان في كثير من الأحيان فدعوا الى ذلك حينما قالوا: ((ما تضيك الا تفرج)) ودعوا الى قراءة الأشياء وفهمها وإدراكها وعدم الانجرار وراء بهرجتها ولونها وضيائها فأكدوا : ((مو كل مدعبل جوز)) , ((مو كل ما يلمع ذهب)) , ((موكل من صخم وجهه كال آني حداد)) , وكانت الدعوة الى الاعتماد على النفس والاستفادة من كل القدرات الكامنة فيها فلسفة لبناء الإنسان الذي يمتلك الطاقات الخلاقة التي تبني الذات بناء" محكما" : ((ما حك جلدك مثل ظفرك)) ,((اللي يولد عنزته بيده يولدها توم)) ,((انطي الخبز لخبازته حتى لو اكلت نصه)) , وأي مجتمع لا يستطيع أن ينمو وان يتطور من دون تعاون أبنائه ( خاشوكة خاشوكة تترس البستوكة )) , (( كطرة كطرة تملى الجرة )) , ولما كان العراق قد مرﱠ بايام عصيبة من اليأس والمحن التي جرها عليه الاحتلال البغيض وما تركه من آثار سلبية على الواقع الاجتماعي والاقتصادي, فقد برزت امثال تدعو الى التوفير والاقتصاد مثل ( القرش الأبيض ينفع باليوم الاسود )) , (( الما يعرف تدابيره حنطته تاكل شعيره)) ,(( الما عنده بارة ما يسوى حجارة)) , والبارة عملة هندية كانت تُستعمل في العراق ايام الاحتلال الانكليزي له , وهناك قيم كثيرة دعت الامثال اليها وروجت لها من خلال قناعة المجتمع بهذه القيم ودورها في بناء المجتمعات , فقالوا في نكران الذات والدعوة للتعاون والمساعدة : (( الما تسوكة مرضعة سوك العصا ماينفعه )) , والى الحذر من الاشياء التي من الممكن ان تلحق ضررا" بالانسان مثل : (( العاضته الحية يخاف من جرة الحبل )) , (( الحجارة الما تعجبك تفجخك )) , (( امشي شهر ولا تعبر نهر )) ودعت الامثال الى احترام المهن وضرورة التخصص في العمل وازدراء كل من يمارس عملا" لايفقه فيه شيئا" مثل : (( صانع الإستاد إستاد ونصف )) , ((إذا حضر الماء بطل التيمم )) , اما الخيانة والرياء والتلون فهي من ارذل الصفات التي رفضها المجتمع وانعكس ذلك الرفض بوضوح في الامثال الشعبية مثل (يرعى ويﱠ الغنم وياكل ويﱠ الذئاب )) , (( بالوجه امراية وبالقفا سلاية )), ((عين الحسود بيها عود)) , (( يا ما تحت السواهي دواهي)) , (( جدره على ناره وعينه على جاره )) .
و في مجال لمّ شمل أبناء الوطن وتكاتفهم في هذا المجال فكانت فلسفتهم التربوية تنص على : (( كوم التعاونت ما ذلت)) ,((في الحركة بركة)). ولما كان الكرم صفة اجتماعية محمودة , لهذا كانت الأمثال داعمة لهذه الصفة الذمية (البخل) : (( لو تفك بابك وتفتخر,لو تسد بابك وتتستر)) .
وهنالك أمثال تدعو للحزم والصبر والتهيؤ على أساس أن الإنسان الناجح يمتلك مستلزمات ثقافة التهيؤ مثل : ((تحزم للواوي بحزام سبع)) ,((يوم إلك ويوم عليك)) ,((يوم كيمر وعسل ويوم خبز وبصل)) ,(( لا تخلي البيض بسلة وحدة)) ,((اصبر على الحصرم تأكله عنب)) , أما القناعة والتوفير والعمل على تكوين الذات اقتصاديا" وماليا" واجتماعيا" فان الأمثال الشعبية دعت الى ذلك مثل : ((حباية حباية تصير كباية)).
أما الدفاع عن الوطن ومحاربة الاجنبي المحتل فهي صفات اتفق الجميع على الايمان بها والعمل من اجل تحقيقها , وكثرت الأمثال الشعبية في هذا المجال منها : (( حل فرض الخامس كوموله )) والفرض الخامس يعني الجهاد في سبيل الله بعد الصوم والصلاة والحج والزكاة , (( شهل الغيبة يهلال الديرة )) التي قيلت في رثاء البطل الشيخ ضاري المحمود بعد ان قتله الانكليز غيلة في المستشفى , وما قيل من امثال في مقتل الملك غازي : (( آه من الوزارة شلون غدارة )) وكان المقصود بها وزارة نوري السعيد التي كان لها ضلع كبير في التآمر على قتل الملك غازي لمواقفه الوطنية , ومن الطريف ما يُروى في هذا المجال انه واثناء الاحتلال الانكليزي للعراق فتحوا باب التطوع في مراكز الشرطة التي كانت تسمى ( البوليس) وقتها والمتطوعون يُسمون ( البوليسية ) وكانت الراتب ربيه ( وهي عملة هندية ) , فحينما قُتل ( لجمن ) على يد الشيخ ضاري المحمود تصور المتطوعون ان راتبهم سيقطع بعد الحادث , لهذا جاء احدهم وطلب من نسائه ان يلطمن حيث قال :
دكن حيل نسوان ( البليسية ) ( لجمن ) مات وضاعت الربية .
وهناك أمثلة كثيرة ولكن لانريد الاستطراد في طرحها لان أمثالنا الشعبية العراقية أمثال غنية بتوجهاتها التربوية والانسانية وعكست الثقافة الثرية للشعب العراقي المرتبط بتأريخ ناصع وثقافة متجذرة وقيم تعارف عليها المجتمع ... قيما" اقتدى بها الكثيرون وشكلت حجرا" قويا" في البناء التربوي والتوجيهي تحتم علينا ان ننهل منها كل ما هو مفيد للاستفادة منه في حاضرنا قيما" واخلاقا
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى