اهلا وسهلا بك من جديد زائر آخر زيارة لك كانت في الخميس يناير 01, 1970 مجموع مساهماتك 85 آخر عضو مسجل Amwry فمرحباً به


اذهب الى الأسفل
ثائر رزوق
ثائر رزوق
عضو متميز
عضو متميز
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 732
النقاط : 1884

الفساد الاداري والمالي ودوره في افساد المجتمعات. Empty الفساد الاداري والمالي ودوره في افساد المجتمعات.

السبت أكتوبر 01, 2011 9:09 pm
من أشهر تعريفات الفساد السياسي وأكثرها تداولا وشيوعا هو الذي يقول : بأنه إساءة استخدام السلطة الحكومية لأهداف غير مشروعة وعادة ما تكون سرية لتحقيق مكاسب شخصية ، وممارسة النفوذ ومحاباة الأقرباء ، وبما ان القوانين تختلف من بلد لآخر ، فمن الطبيعي أن تختلف النظرة والتوصيف لمفهوم الفساد السياسي باختلاف البلدان والقوانين ، مما يدعّم النظرة النسبية لهذا النوع من الفساد ، ويصعّب عملية وضع حدود فاصلة بين حرية ممارسة الساسة للصلاحيات الممنوحة لهم وبين السير باتجاه الفساد السياسي ، ويتشابك الفساد السياسي بصورة مفصلية عادة مع نوعين مهمين من الفساد ، هما الفساد المالي والفساد الإداري ، لتمثل تلك المفصلية الجهنمية تحديا خطيراً ، يضرب بيد خارقة وجه التنمية ويقوّض أساساتها ومصادرها الأخرى ، كديمقراطية اتخاذ القرار السياسي ، واستقلالية القضاء ، والتوزيع العادل للثروات والخدمات ، ويعرض هيكلية البناء المؤسساتي إلى الخطر ، بسبب تأثيرات الفساد على مرونة القدرة الحكومية في استحداث طرق جديدة للتطور والتنامي ،عن طريق تعطيل قدراتها المؤسساتية في تجاوز الروتين والبيروقراطية ، وتحديث إجراءاتها كلما دعت الحاجة لذلك ، وعلاوة على ذلك فأن الفساد السياسي يخلق انحرافات اقتصادية مقلقة في طريق استثمارات الملكيات والأموال العامة بصورة مباشرة وغير مباشرة ، عن طريق وضع المزيد من العراقيل والتعقيدات السياسية والإدارية والفنية ، مما يؤدي إلى خلط الأوراق ونشر الكثير من الضبابية المحبِطة بدلا من الشفافية المطلوبة لخفض معدلات هدر استثمار المال العام وتردي الخدمات العامة وضعف التوزيع العادل للثروات ، والخروج من الأنماط التقليدية في تخطيط وتنفيذ وتوزيع مشاريع البنى التحتية الكبرى إلى أنماط جديدة تدعم التحرر من أنواع الجمود الذي قد يطغي في أي مرحلة من مراحل التخطيط أو التنفيذ أو الرؤية ، والتخلي عن أي تنمية قد تكون منقوصة من خلال عمليات التقييم والتقويم المستمرة ، وقد لا يحتاج أي كاتب إلى الكثير من المهارة في ربط موضوع الفساد السياسي بالوضع الراهن في العراق ، فكلما دار الحديث عن الوضع السياسي في العراق كلما تزامن الحديث عن الفساد السياسي والإداري والمالي فيه، فالعراق ومنذ خمسينات القرن الماضي أبتُلي بقادة هم مزيج من النموذج العثماني – الستاليني ، وعلى طريقة القائد الأوحد والحاكم بأمر الله ،والمطلقة يده في أمور الرعية حسب رؤيته الشخصية ومستواه العلمي والثقافي، ضاربا بعرض الحائط كل حقائق ونظريات السياسة والاقتصاد والإدارة والاجتماع ، منشغلا بتثبيت كرسي الحكم بحد السوط وأحيانا بحد السيف ، واحتكار السلطة من قبل أحزاب لا هم لها سوى تأليه قادتها ، واختزال كلمة الشعب أجمعه ، بكلمة واحد من القائد ، كقطيع يعبر النهر بإشارة من عصا راعيه ، ليختار له المكان والزمان الذي يحدده وحده ، متجاهلا إرادته وحقه المطلق في بناء دولة مدنية تسودها الحداثة والرفاهية ، والتحكم المباشر بالمال والسلطة والفكر والبلاد وما تحتويه فوق وتحت أرضها المباركة ، ولكن بقي هذا الحق المطلق محض خيال ، في ظل انشغالات الشعب العراقي بأزمات مفتعلة وحروب مفروضة ، ما إن تنتهي إحداها حتى تبتدئ التي تليها ، وهلم جرا ، في ظل هذه الأجواء غير الطبيعية التي استمرت لعقود ، استفاق الشعب العراقي يوما ، ليجد نفسه على أعتاب مرحلة جديدة من الفوضى السياسية التي عصفت بالبلد ، بعد سقوط النظام السابق على يد قوات التحالف التي آذنت ببدء مرحلة جديدة ، من مراحل احتكار السلطة والمال والسياسة ، ومرحلة جديدة من مراحل الفساد السياسي ، المتكئ مع وعلى الفساد الإداري والمالي ، وظهور نوع جديد من الأحزاب في العراق ، وهي الأحزاب الدينية ، التي رفعت في البدء شعارات غاية في المثالية ، والفكر السامي ، ومكارم الأخلاق ، ومكافحة الفساد بكل أشكاله ، ولكنها سرعان ما رفعت سوط القمع الفكري ، وتفننت في إيجاد الأسباب والمسببات ، لتبدأ بتكميم الأفواه ، وممارسة ذات القوانين والقيم والممارسات التي مارستها أحزاب القطب الواحد ، وتغلب السياسة والمصالح الذاتية ، والتخلي عن مثالية شعاراتها المرفوعة سلفا ، ومن ثم انقادت لمسارات السياسات النمطية السابقة في غض الطرف ، عن الأمواج العاتية لبحر الفساد المتعاظم يوما بعد يوم ، في ظل فرض صنوفا جديدة من الشرعية الدينية التي لا تعارض بصورة مباشرة ، انجرار العراق المحتوم إلى مستنقع الفساد السياسي ، واحتكار السلطة بلا شراكات حقيقية ، بل أنها تسببت وساهمت في خلق مفاهيم سلبية جديدة ، أسوءها المحاصصة الطائفية البغيضة التي تبنت لغة الأرقام والإحصائيات ، لا الكفاءات و الاستحقاقات الوطنية والشراكات الحقيقية ، التي تمثل كل موزائيك وفسيفساء المجتمع العراقي المُغرق بالتناقضات والرؤى المتضادة ، والاختلافات الفكرية من الأساس ، ليمتلئ وعاء الفساد السياسي ، بأسماء ومسميات جديدة ، لا تقود إلا لمزيد من الاستغراق المخزي من الفساد السياسي والإداري والمالي ، وبالتالي يرجع المواطن العراقي للدائرة الأزلية ، التي ظل يدور بها منذ عهود ، وهي دائرة البحث عن حل للخلاص من مأزقه الدائم كونه جزء من صراعات لا شأن له بها ، مدركا بيأس المغلوب على أمره بأنه سيلعب دورا واحدا لا غير ، وهو دور جندي الشطرنج الذي لا قيمة له ، سوى كونه رقما في سجل ما ، ليغرق بالمزيد من ثقافة الانشغال الحثيث في البحث عن لقمة العيش ، والتخلص بأقل الأضرار من أكوام الأزمات المحيطة به من كل صوب ، ليغض النظر عن تشظي الخزينة العامة المركزية ، إلى خزائن وزارية تحاكي الرؤية الفردية أو المناطقية ، يسيطر أفراد وعشائر وأحزاب وفئات معينة ، وضعف الخدمات العامة ، وباقي حقوقه التي ابتلعتها مسارات السياسة المثقلة بحجم الفساد الهائل وضغط الصراعات الحزبية والشخصية ، وآخر ما تجرعه المواطن العراقي المسكين من تلك المسارات ، ما سمعه وسمعناه بأسف وأسى من زيارة فخامة رئيس الجمهورية العراقية ، السيد جلال الطالباني ، أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة في دورتها السادسة والستين ، والتي كلفت خزينة الدولة أكثر من مليوني دولار – بحسب وكالة أور نيوز- مما يشير إلى أن الفساد المالي في العراق قد وصل إلى مستويات خطيرة بوصوله إلى قمة الهرم الرئاسي العراقي ، رمز الدولة العراقية ، وممثل سيادتها العليا ، والقائم بنقل كلمتها وشرف تمثيلها ، مما يطرح الكثير من علامات الاستفهام التي تطرح نفسها ، حول تلك الأموال المهدورة ، بسبب وبلا سبب ، وعن جدوى تلك الزيارة وما الذي قدمته للعراق الفيدرالي الموحد ، إن كان فخامة رئيس الجمهورية قد ركّز في حديثه عن إقليم كردستان ، والانجازات التي قادتها حكومة الإقليم ، مقابل إشارات فضفاضة عن الوضع العراقي ككل ، وعزوفه عن الحديث عن تفاصيل كثيرة لا مجال لذكرها في هذه العجالة ، ومما يثير الاستغراق بالكثير من الدهشة والألم ، تفاصيل تبويب مبلغ المليونين دولار أمريكي – حسب المستقبل العراقي – والتي توزعت بين أجرة نقله البالغة ( 600 ألف دولار) بطائرة خاصة ، وبين تكاليف إقامته ، وتكاليف فحوصات وعلاج في أحد المصحات الأمريكية ، ونثريات الهدايا البالغة حوالي نصف مليون دولار ، والتي تكفي لبناء سبعة مدارس من نوع البناء الجاهز الحديث ، تتسع لأكثر من ألف ومائتين طالب ، أو بناء خمسة ملاجئ للأيتام ، أو إنشاء محطة كهرباء صغيرة ، أو إنشاء أي مشروع خدمي في ظل تفاقم أزمة الخدمات والكهرباء والماء والمجاري وغيرها ، ولكن أسلوب الإقطاع السياسي ، واستشراء ظاهرة الفساد المالي ، في ظل عجز القانون عن محاسبة أفراد معينين في الدولة العراقية ، وضعف المساءلة والشفافية ، وسيطرة النخب الحزبية المنغلقة ، في ظل فداحة التناحرات والصراعات الفئوية والمناطقية والحزبية ، وتركز كل تفاصيل صناعة القرارات بيد الساسة فقط ، لا بيد الإداريين من ذوي الخبرة والاختصاص ، وعدم مثالية تطبيق الديمقراطية الملائمة التي تساعد وتؤسس لبناء مجتمع ديمقراطي حديث تسوده قيم اجتماعية راقية ، سيؤدي بالتأكيد إلى تقويض دور المجتمع المدني ، ودوره في فرض صوته على كل مفاصل الدولة وجميع موظفيها بلا استثناء ، ومنهم فخامة رئيس جمهورية العراق ، كونه موظفا جاء بتفويض من البرلمان ، لتأدية مهام وفروض وواجبات معينة ، أبسطها توقيع أحكام الإعدام على من ذَبَحَ الشعب العراقي المغلوب على أمره ، من الوريد إلى الوريد ، وتنفيذ قصاص السماء لمن قَتلوا وما زالوا يقتلون العراقيين بدم بارد ، تحت شعارات شتى ، وفي هذا الشأن يحضرني مقال قرأته قبل فترة في أحد المواقع الالكترونية – ولا أعرف مدى مصداقيته – عن عمدة ستوكهولم التي استخدمت بطاقات حكومية لمليء خزان مركبتها الشخصية بالوقود ، حيث ساهم الإعلام الحر النزيه في الكشف عن تلك القضية ، مما أثار انتقادات عنيفة ، أدت في النهاية إلى تقديم استقالتها من منصب حاكم المدينة ، وعضوية البرلمان ، وقد وُصمت فعلتها علناً : بالتصرف الفاسد والمشين ، وفي النهاية تحملت تلك الموظفة المسؤولية كاملة ، وتقبلت كل النتائج ، فما أحوجنا اليوم إلى مثل تلك الموظفة ، والتي من سوء حظنا ، أنها لم تولد في العراق ،ولست هنا بصدد الحديث عن المليونين دولار التي أهدرت في سفرة لم تستغرق سوى بضعة أيام ، والتي لم تقدم أي منفعة أو فائدة للعراق ، بقدر حديثي عن الرغبة الكامنة في أعماق أي عراقي مسكين ، في وضع تشريعات حاسمة لقياس وتوصيف الفساد السياسي والمالي والإداري ، ووضع المعايير الواضحة القابلة للتجديد والتحديث بصورة مستمرة في مجال محاربة الفساد بكل أنواعه ، و بضمنه الفساد السياسي ، والاستفادة من تجارب وتشريعات الدول الأقل فسادا في العالم ، حسب تقارير المنظمة الدولية لمكافحة الفساد ، وتقوية الدور الرقابي لمنظمات الشفافية والمجتمع المدني ، والصحافة الحرة غير المسّيسة ، باعتبارها ضمير المجتمع النابض الذي يستطيع لفت أنظار السلطة والمجتمع في نفس الوقت ، والكشف عن رواتب كبار المسئولين ومساعديهم ونوابهم ، بدلا من أن تتداولها الإشاعات بأرقام أقل ما يقال عنها أنها فلكية ، وإخراج إقرار ذممهم المالية إلى العلن ، في بلد فيه أكثر من خمسمائة حزب وكيان سياسي ، وفيه الكثير من المشاكل والأزمات والتحديات ، وبالطبع ليس من المنطق حلها كلها دفعة واحدة في ذات الوقت ، ولكن على الأقل البدء في جدولة تلك المشاكل حسب أهميتها ، والشروع فورا في حل المهم منها ، ولا شك أن مشكلة الفساد السياسي تحتل سلم القائمة ، مما تسببه من إضرار كبير بالبلد ونظامه الديمقراطي الفتي ، وتهديد للوضع الأمني الداخلي ، والمزيد السياسات الخارجية الضعيفة ، مما سيؤدي إلى انتقاص كبير في استقلاله السيادي ، وزيادة معاناة المواطنين ، وتشتت لبنة المؤسسات الحكومية ، إلى مؤسسات ووزارات تخدم أفرادا وأحزابا وطوائف بعينها ، وهي من أسوأ وأهم أعراض الفساد السياسي المتمثل بالخروج عن الثوابت الوطنية العليا للوطن والمواطن ، والابتعاد عن مسارات الحكم الرشيد المفترضة ، حيث أن مليارات الدولارات قد تبخرت في غضون السنوات القليلة الماضية ، دون امتلاك الجهات المختصة القدرة المناسبة على استرجاعها ، أو محاسبة المتسببين بها ، بما يريح ضمير المواطن ، ويزرع الثقة فيه من جديد بمؤسسات الدولة ، وتنمي فيه الأمل بأن العراق سيكون يوما ما جزءا من العالم الحر المتقدم ، الخالي من الفساد المالي والسياسي والإداري ، وأن عائدات الوطن لن تكون إلا له ، ومسخّرة فقط لخدمته هو وأقرانه من أفراد الشعب العراقي الصابر، منتظرا معالجات قد تكون مؤلمة ، ولكنها ستكون بالتأكيد قرارات شجاعة من قبل القائمين بالأمر ،وسيقدر المواطن العراقي كثيرا تلك الجرأة والشجاعة ، في الإجابة عن تساؤلاته المستمرة : إن كان سيرى يوما هيئة وطنية مستقلة ومحايدة ونزيهة ولها من الصلاحيات والإسناد الحكومي والشعبي ، ما يمكنّها من رفع صخرة الفساد السياسي الهائلة من طريق التقدم نحو بناء دولة ديمقراطية حقيقية ، ووضع قانون مصيري حاسم يؤطر فيه العمل الوظيفي والإداري ، ويعزله عن العمل الحزبي والسياسي ، ويضع حدودا فاصلة واضحة المعالم بينهما ، وينظم عمل الأحزاب السياسية ، ويفحص بعين الرقيب مصادر تمويلها الحقيقية ، لتجنب تنفيذ أجندات طائفية داخلية كانت أم خارجية ، مادامت مصادر ذلك التمويل يشوبها الكثير من الغموض والإبهام ، في ظل عدم طرح السؤال الأزلي : من أين (لك – لكم) هذا ، وكأني بهم لم يقرأوا أو يعقلوا قوله تعالى (( وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ )) . القصص: 77


الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى