اهلا وسهلا بك من جديد زائر آخر زيارة لك كانت في الخميس يناير 01, 1970 مجموع مساهماتك 85 آخر عضو مسجل Amwry فمرحباً به


اذهب الى الأسفل
المتفائل
المتفائل
عضو ذهبي
عضو ذهبي
عدد المساهمات : 3476
النقاط : 5015
ألقاب اضافية : مشرف على القسم العام وقسم الثقافة العامة

هب لي ثقافة000 أهب لك حضارة Empty هب لي ثقافة000 أهب لك حضارة

الخميس مارس 31, 2011 4:36 am
هب لي ثقافة ... أهب لك حضارة
كثيراً ما تحضرني مقولة من قال: (افتح مدرسة، تغلق سجناً).

من وحي هذه المقولة يمكن أن نستنتج أن بالعلم والتعلم تنتفي صفة الجهالة المتمثلة بسوء الصنيع المفضي بصاحبه إلى درْك السجن. وإني لا أنكر هذه المقولة، بل على العكس فأنا من أشد المؤيد لها والآخذين بها، كيف لا والله سبحانه تعالى يؤيد ذلك بقوله في محكم التنزيل (قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين* يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ....) (المائدة: 15-16). فالله تعالى وصف العلم بأنه نور للهداية وسبيل للعتق من الظلمات، وما المدرسة إلا طريقاً للنور والهداية، وما السجن إلا الغي والظلمات.

ولا يخفى علينا أن كل أمة تعتز بحضاراتها التي هي رمز تقدمها ورقيها، وإنما تستمد الأمة الإسلامية هذا التميز الحضاري من خلال نبراس ثقافتها الإسلامية، فالثقافة هي الركيزة التي يصوغ منه الإنسان نهجه ويستفيء بظلها المستمد من الكتاب والسنة ليشق طريقه في هذه الحياة بنور وبصيرة. فالثقافة الأسلامية والتي كان وحيها الكتاب والسنة هي الأم ثم يتولد عنها ما فاضت به الأمة من أعراف محمودة وتراث فعْم بالقيم والمبادئ، إضافة إلى ما استفادته من تجارب الأمم الأخرى بما لا يتناقض مع شرعها الحنيف.

ومهما التزمت الأمة بثقافتها وتراثها وصانتهما بعيداً عن المجرفات والبراثن التي تعيث فيه فساداً كان لها حضورها المشرق بين الأمم، وكانت لها أصالتها ومَنعتُها في إثبات وجودها الحقيقي على مر العصور. كيف لا والفاروق عمر بن الخطاب من قبلنا قد قال: (نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله). فالعزة والمَنَعة والنصرة من كلام الفاروق إنما انبثقت عن العقيدة الراسخة التي تجلت في الثقافة الإسلامية، فكانت حاضرة في أذهان من قبلنا حضارة وحضوراً بجميع صورها، وكان لها حظو كبير في جميع المحافل على الصعيد الفكري والأخلاقي والمنهجي والعقائدي. ولهذا قال الشاعر: (إنما الأمم الأخلاق ما بقيت .... فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا). والأخلاق كذلك جزء من ثقافتنا الإسلامية ومعلم بارز من معالمها لا تقوم به ولا يستفيض عطاؤها إلا من خلاله.


ولو أردنا الولوج للتنقيب عن أهم الأسباب التي تعيق تقدم الأمة وسموها بحضارتها في العصر الحاضر سنجد أن للتغلغل الغربي بجميع طرائقه الدينية والدنيوية أثراً جلياً في إطفاء شعلة حضارتنا وكبح جماحها عن النهوض بالمسيرة التي خلقت لأجلها وعاشت لتقيمها في نفوس أبنائها بإذكائهم بنبراس الثقافة المتمثلة بالعلم والتعلم، ونحن نعلم يقيناً أن الدين الإسلامي بثقافته ومنهجه ما كان بُداً ليستمد شِرعته من أي حضارة أو أمة أوكان تابعاً أو رديفاً ليَركن في مصادره إلى غير القرآن -الذي وصف بأنه الذكر الحكيم - والسنة -التي وصف الله فيها نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]وما ينطق عن الهوى)، لذلك كان للحضارة الإسلامية الهيمنة على كل الحضارات التي باتت مهمشة ومتضائلة أمام الحضارة الإسلامية.

فالمأمول لهذه الحضارة الإسلامية في الحال والمستقبل أن تكون ذات قيادة مستقلة بنفسها، ومستمدة تعاليمها من القرآن والسنة إن هي أرادت التميز الحقيقي، لتكون حضارتنا الإسلامية في مقدمة الركب، وحق لها ذلك ما دامت ثابتة وراسخة على قواعدها الأصولية التي لن تتغير أو تتبدل، إذ كيف يليق بثقافة تنتسب إلى هذا الأصل المنيع والركن الرشيد وتكون في موقع الاقتباس والتقليد؟!، وبالقبس من القرآن والسنة تكون الحضارة هي المهيمنة والمسيطرة على كل الحضارات عزة ورفعة ومكانة، ومصداق ذلك قوله تعالى: (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناُ عليه...).


ومن هنا ندرك أن الثقافة الحقيقية التي لها أثر في بناء حضارة الأمة ثقافة واحدة، وهي الثقافة الربانية التي تستمد رسالتها من الوحي الإلهي وفيها سعادة البشر، وما عداها فهي ثقافة واهية تشوبها العلل ويعتورها التبديل والتغيير بين حين وآخر.


ولا أحداً ينكر أن واقع ثقافتنا المؤلم اليوم يحتاج إلى مزيد من الكفاح المستمر والعطاء البناء من أبناء جلدتنا بجميع السبل والحيثيات بحيث نحقق النهوض الفكري والاكتفاء الذاتي الذي يحفظ لنا كيان تلك الثقافة، آخذين بعين الاعتبار ما حل بغيرنا من شعوب عندما فقدت ثقافتها ففقدت بذلك حضورها وحضارتها، وكانت بذلك عرضة إلى عصف الانحدار والتحدر فكانت ضائعة المعالم خلف التاريخ.


ولقد كان من نتائج الخروج عن أصول الثقافة الإسلامية والعربية أن أنهار أكبر حصون التحصين الثابتة في المجمع ما حدا بالمجتمع إلى أن يعيش فترة من الجمود والتعطيل، لكونه وقع بين فكين: أحدهما حضارة غربية مستوردة ، والآخر عامل أصيل متجمد، ومتى استمر الوضع على هذه الحال فإن عملية النهوض بثقافة الأمة تكاد تكون مستعصية ما لم يهيئ الله لها من يأخذ بيدها من مفكري الأمة أصحاب العقول الراجحة الذين يعرفون للحياة المطمئنة قيمتها.


فعلينا نحن أولي عزائم الحضارة وأبناء جلدتها أن نهرع إلى إنقاذ واقع حضارتنا المتأزم، وصولاً بها إلى بر الأمان بعيداً عن ما يكتنفها من التفرنج الغربي بشتى وسائل غزه الفكرية والعقائدية والثقافية والاجتماعية، وألا ندع مجالاً للهيمنة المادية أن تغشى عقولنا وتعمي أبصارنا على حساب قيمنا وأخلاقنا التي هي عنوان حضارتنا الإسلامية، ومتى بنى الإنسان حضارته على قيمه وأخلاقه الإسلامية بعيداً عن الأهواء المادية الزائفة فإن هذا البناء لن يقهر بإذن الله، وسيظل شامخاً إلى الأبد في مواجهة التبعية من أجل تميز حضاري مرموق لا يتغير ولا يتبدل.


وما ذلك ليكون إلا بتهيئة نخبة صالحة وواعدة للنهوض بتلك الثقافة من سباتها والصعود بها إلى ما كانت عليه من عزة ورفعة. أولئك النخبة الواعدون هم أملنا في ذلك وهم عكازنا نتكئ عليهم سنداً وذخراً للأمة الإسلامية الحقة
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى